كيف نحلل نصا أدبيا؟

كيف نحلل نصا أدبيا؟

--------------------------------------------------------------------------------

وبما أن تحليل النص الأدبي يعد إشكالا ينبغي التصدي له والوقوف على ميكانيزماته باعتبار النص بنية لها آفاتها وإمكانياتها ومجالاتها وبالتالي على الدارس والباحث الإلمام بما يحتويه هذا النص حتى يتمكن من فهم أبعاده ومراميه كما أنه من الصعب محاصرة النص في دوائر ضيقة فالنص الأدبي يتشعب في مجاراته للبنى التي تشكله إلى اللغة أوالبنية المعجمية ولها مستويات منها المستوى الوضعي وهو حصول اتفاق بين الوضعين حول كلمة ، وبالتالي لا بد من من اختراق هذا الجانب باستخدام المعاجم اللغوية وحاجتنا إلى المعجم نسبية تختلف من بلد إلى آخر بالنظر إلى قرب النص من لغة هذا البلد أو ذاك والموروث اللغوي الذي يشكل فكر هذه الفئة أو تلك والمخزون الثقافي للمتصدي للنص .
أما المستوى الدلالي فيتوزع بين الدلالات التاريخية والدينية والفلسفية ، فالقارىء للنص والمتصدي له لابد أن يعي بيئة النص ويفهم أبعاد اللغة الشعرية ، حتى يحصل الفهم العام للنص ، وأنت في هذا المقام لا محالة واقع تحت رحمة النص والسياق الشعري .
أم البنية التركيبية فأن بعض النقاد يرى أن للشعر لغته كما أثبت ذلك العقاد والبعض الآخر يرى ا، الشاعر هو الذي يعطي التركيب جماله وقيمته فالسلطة هنا بيد الشاعر ، والجملة إما أن تكون نحوية صرفيه أو جملة شعرية تحمل وهج المعنى وإسقاطات المبدع ، كما أن الباحث يجب أن يولي الجانب الإيقاعي الاهتمام عند التحليل لأن البنية الإيقاعية تتحكم في البنية التركيبية والنحوية والصرفية والأسلوبية .
إن ما يعنيا هو شرح النص الأدبي بأحدث ما توصل إليه العلم ونربط الأدب بالحياة ، ونعمق إحساسنا وإدراكنا به ، ولا يعنينا في المقام ان يكون الأديب واعيا بما قال ، بل يكفينا أن يكون ما قاله صحيحا ويكفي أن يكونوا صادقين في أحاسيسهم .
التحليل الأدبي لغة واصطلاحا :
هو بيان أجزاء الشيء ووظيفة كل جزء فيها وهو الشرح أو التفسير والعمل على جعل النص واضحا جليا ، وترد الكلمة في سياق تفسير النص ، دون اللجوء إلى شيء خارجه ، وهي طريقة من طرق النقد الأدبي في تناول النصوص تتضمن الدراسة الوثيقة التفصيلية والتحليل والبيان التفسيري . ومن هذا المنطلق يركز الناقد على اللغة والأسلوب والعلاقات المتبادلة بين الأجزاء والكل ، لكي يصبح معنى النص ورمزيته واضحتين .
إذا أردنا تحليل معلقة زهير بن أبي سلمى مثلا ، فلا بد أن نتوقف عند عصره ، وإبراز مظاهر حياته وحياة العرب في ذلك العصر ، فإننا حين نطلع على اسم القصيدة وتجد استعمال معلقة فلا بد لنا من معرفة مدلول هذه اللفظة . ثم نقرأ ذلك العصر ، ثم نقرأ القصيدة فنجده يتحدث عن الديار المهجورة وبقاياها ويختار اسم امرأة يكنيها أم أوفى ، ثم يتحدث عن الرحلة ،
* فما الرابط بين كل ذلك ، وما علاقته بالموضوع ؟ وما علاقة الصور التي عرضها بموضوعه ؟ ثم كيف عبر عن فكرته ؟ .. الخ
وحين ندرس البناء الفني للنص فإننا ندرس عباراته وصوره وموسيقاه ، وأفكاره وتركيباته اللغوية والعواطف وعلاقة كل ذلك بعضه ببعض . مما سبق يتبين أن هناك مبادىء ومراحل يتدرج فيه الطالب ، كي يقوم بعملية تحليل النصوص ، ومن هذه المبادىء فهم النص ، وتحديد موقع النص وجوه العام ، وتحديد الفكرة والموضوع والوقوف على الصور الفنية والعاطفية .. . )
علام تعتمد عملية التحليل :
تعتمد عملية التحليل على التلخيص ؛ لما فيها من تنظيم للمعلومات بشكل منطقي ، وقدرة المحلل على فهم النص ، وبالتالي فإن قراءة النص السريعة العجلى لا تعد تحليلا ، فإذا وقف القارىء عل النص وقفة سريعة وفهم فيه النص وأدرك مغزاه ، وقرأ ما بين السطور ، وكان عل وعي بالدلالات الاجتماعية للألفاظ وعرف عناصر الجمال والقبح فيه ، دخل في منطقة النقد والتذوق الأدبي . أما عملية التحليل الفني فأنها تحتاج إلى جهد ووقت وخبرة وبحث . ويمكن ببعض الدراية والمران والنظر في النماذج المرفقة أن يتمكن الطالب من تحليل النصوص عل اختلاف أنواعها واتجاهاتها .
مبادىء تحليل النص الأدبي
أولا : فهم النص :ويكون بقراءة النص أكثر من مرة - قراءة متأنية واعية : يدرك فيها القارىء العلاقات النحوية وطريقة الأداء اللغوي ، والدلالات المركزية والهامشية والاجتماعية للألفاظ .
ثانيا : تحديد موقع النص وجوه العام ( مناسبة النص وبيئته ) .
ثالثا : اللغة والمفردات : ويمكن معالجة هذا الجانب من خلال البحث المعجمي أو توظيف المفردة في سياق لغوي يوضح معناها ، كما يتم معالجة الألفاظ الصعبة من خلال ( المرادف ، والمضاد ، والمفرد والتثنية والجمع ) حتى يتسنى معرفة المقصود من الكلام والمعنى الذي تقدمه الألفاظ في موقف معين ، وهو ما يفهم على نحو مباشر من الجملة والسياق .
المغزى وما وراء السطور : وهو الشيء الكامن أو المستتر وراء المعنى المباشر أو الدلالة القريبة للكلام المغزى يتطلب سعة العقل والانفتاح على النص ؛ مما يتطلب معه تقليب المسألة على أكثر من وجه وفهمها بأكثر من مدخل قد يكون للكلمة دلالة اجتماعية وترتبط في ذهن المستمع بأشياء عديدة منها : التجارب الشخصية ، والذكريات والاهتمامات .. الأمزجة .. الموروث عن الآباء .. الخ .
رابعا : تحديد الفكرة والموضوع : ويكون ذلك بتسجيل الأفكار الفرعية ثم النفاذ منها إلى الفكرة الكلية ، وعلى المحلل أن يقف على الانسجام والترابط بين الأفكار الفرعية والفكرة العامة ، ويتفحص حسن انتقال الأديب من فكرة إلى أخرى .
خامسا : الصور : وتشكل عنصرا بارزا ومهما في النص الأدبي ، إذ كلما كان الأدب تعبيرا كانت الصور هي التي تتشكل في أذهان القارىء ، وهو ما يسمو بالأدب والنصوص ويجعلها أكثر نجاحا وتشويقا عند عرضها ، أما حين يكون الأدب تقريريا فإن الأفكار تطغى على الصور .
سادسا : والوجدانيات : وهي القيم والاتجاهات التي يحملها النص مثل ( الإخلاص ، والتقوى ، والمرؤة ، الشجاعة ، والنجدة ، والعدل والإيثار ، والصدق ، والأمانة ، والحرية ، والوفاء ، والتعاون ، المحبة وغيرها ) ويجب ربطها بحياة الطالب وممارسته اليومية .
سابعا : العاطفة : وهي الانفعال النفسي المصاحب للنص ، وعلى القارىء تحدي نوع العاطفة ، ودوافعها وعمقها ودرجتها .. ودراسة البناء الداخلي والشكل الخارجي وعلاقة كل ذلك بالموضوع والعناصر السابقة .
فوائد تحليل النصوص الأدبية :
إن لتحليل النصوص فوائد جمة على القارىء وطالب العلم وعلى وجه الخصوص ، سواء في المدرسة أو في الجامعة ، لما في ذلك من تدريب على مهارات التفكير الناقد ، والتدرب على معرفة الغث من السمين في العمل الأدبي ، والتدرب على إبداء الرأي وتكوين وجهة نظر لما تقرأ الطالب أو تكتب . واكتساب مهارات الموازنات والتعليقات . والتزود بأدوات نقد العمل الأدبي ومعايير كتابة التحليل وتوظيف الاقتباسات والأمثلة الموضحة والشارحة لتأييد رأي أو دعم فكرة ، أو نقض دليل أو ترجيح قضية ما . وأخير رفع مستوى العمل الأدبي والعلمي ، وهو بذلك نقد بناء .

منقول