هل يمكن التمييز بين المشكلة و الإشكالية في الفكر الفلسفي ؟

المقدمة : لقد نتج الفكر الفلسفي نتيجة تساؤلات الإنسان الملحة و المستمرة للوصول إلى الحقيقة ، و نلاحظ أن هذه الأسئلة تشمل نوعان مشكلة و إشكالية، يقصد بالاولى أطروحة فلسفية تنحصر حول موضوع ما ، أما الثانية فنعني بها معضلة فلسفية صعبة و معقدة تكون نتائجها مشكوك فيها ، و من هنا نتساءل ما يميز المشكلة عن الإشكالية؟ هل يستبعد هذا وجود صلة تربطهما؟

أوجه التشابه : هناك نقاط مشتركة عديدة بين المشكلة و الإشكالية فكلاهما ينبع من صميم التفكير الفلسفي ، ناتجان عن فضول الانسان و حبه للمعرفة اللذان يدفعان به إلى التساؤل عن قضايا سواء تتعلق بالوجود الطبيعي او بالوجود الانساني لذلك فهما يعالجان مشكلة ما عالمية فكرية إنسانية و تصاغ على شكل سؤال استفهامي او دون سؤال. و هذه الاسئلة تثير القلق و التوتر بسبب الشعور بالجهل و العجز فهذا يدفع بالانسان الى بذل المزيد من الجهد الفكري من أجل حلها ، و لا يهدأ له بال إلا إذا توصل إلى ذلك.

أوجه الإختلاف: لكن لو تمعنا في المشكلة و الإشكالية نجد أن هناك إختلاف بينهما، فالمشكلة تثير فينا الدهشة و الحيرة في حين الإشكالية تثير فينا الإحراج و الباحث فيها لا يقتنع بالحل و لذلك يبقى النقاش و الحوار فيها دائما مفتوحا على غرار المشكلة التي من الممكن أن نصل فيها إلى حل و لو مؤقت ، ضف الى ذلك نجد ان الاشكالية اوسع نطاق من المشكلة بمعنى ان المشكلة تنحصر في أطروحة فلسفية ما ، بينما الاشكالية تتضمن عدة اطروحات و قضايا ، و لذلك تعتبر الاشكالية منبع التفكير الفلسفي ، بمعنى اصله و مصدره ، في حين تمثل المشكلة الفرع.

أوجه التداخل : إن الاختلاف الموجود بين المشكلة و الاشكالية لا يستبعد وجود صلة تربطهما فصعوبة الاشكالية و تعقد عناصرها يؤدي الى تفكيكها الى مشكلات جزئية ليسهل علينا الخروج بفكرة ما ، نفهم من هذا الكلام ان الإشكالية تحمل في طياتها مشكلات فرعية ، و هذه المشكلات مهمة جدا في فهم الإشكالية و التقرب منها.

حل المشكلة : ما يمكن ان نستخلصه في الاخير ان الإختلاف القائم بين المشكلة و الإشكالية هو إختلاف ظاهري (شكلي) و ليس جوهري فالاشكالية تتضمن مشكلات ، بل هي جزء لا يتجزأ منها و بالتالي العلاقة قائمة .بينما هي علاقة تداخل أي تداخل الجزء بالكل .