جوزيف بروز تيتو، (1892 ـ 1980م): زعيم سياسي، وأحد مؤسسي حركة عدم الانحياز. أسس حكومة شيوعية في يوغوسلافيا (السابقة) بعد الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945م)، وبعد ذلك أصبح حاكم الدولة. في عام 1948م أعلن استقلال يوغوسلافيا عن السيطرة السوفييتية. ضرب بهذا التصرف مثالاً اتبعته الصين وبعض الدول الشيوعيّة في أوروبا الشرقية. كان تيتو أول زعيم شيوعي يسمح لشعبه ببعض الحرية الاقتصادية والاجتماعية.
حياته الأولى. ينتمي تيتو إلى عائلة ريفية في كومرفيك، بكرواتيا. وكرواتيا كانت جزءًا من النمسا ـ المجر. أصبح بعد ذلك عاملاً في الصناعات المعدنية. وتم تجنيده في الجيش النمساوي ـ المجري عام 1913م . في عام 1915م، في الحرب العالمية الأولى جُرح وسقط أسيرًا في يد القوات الروسية. في عام 1917م، أطلق الشيوعيون سراحه من السجن بعد أن استولوا على السلطة في روسيا، وكان قد انضم وقتذاك إلى الحزب الشيوعي.
في عام 1920م، عاد بروز إلى مسقط رأسه، التي حصلت على استقلالها بعد الحرب العالمية الأولى التي انتهت عام 1918م. ساعد على تنظيم الحزب الشيوعي اليوغوسلافي المحظور قانونيًا، وأُرسل بروز إلى السجن عام 1928م. استخدم بروز اسم تيتو لإرباك الشرطة بعد إطلاق سراحه عام 1934م، وفيما بعد أضافه تيتو إلى اسمه الحقيقي. تولى منصب السكرتير العام للحزب الشيوعي اليوغوسلافي خلال الفترة من عام 1937م إلى عام 1966م عندما أصبح رئيسًا للحزب.
خلال الحرب العالمية الثانية، نظّم تيتو وقاد الموالين والعصابات وحاربوا الألمان الذين كانوا يحتلون يوغوسلافيا. حاربت مجموعة مقاومة أخرى مضادة للشيوعية تسمى تشينيك الموالين ولكنها خسرت. بعد الحرب، أعدم تيتو قائد تشينيك، درازا ميهاتيلوفيتش.
القائد اليوغوسلافي. أنشأ تيتو الحكم الشيوعي في يوغوسلافيا عام 1945م، واعترفت به الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد السوفييتي (السابق). أصبح تيتو رئيسًا للوزراء ووزيرًا للدفاع. إلا أن الجهود السوفييتية للسيطرة على يوغوسلافيا أدت إلى حدوث انشقاق بين ستالين وتيتو. طرد ستالين يوغوسلافيا من الكتلة السوفييتية عام 1948م. أصبح تيتو أول قائد شيوعي مستقل. وفيما بعد أصبح المتحدث الرسمي باسم الدول التي رفضت الانضمام أو الاشتراك في الحرب الباردة.
في عام 1955م اشترك في مؤتمر باندونج مع عبدالناصر ونهرو حيث انطلقت حركة الحياد الإيجابي وعدم الانحياز. وفي عام 1968م، ساند تيتو برنامج تحرير تشيكوسلوفاكيا وانتقد الاتحاد السوفييتي (السابق) لإرساله قوات إلى الدولة لوقف الإصلاحات. في عام 1971م، أصبح رئيس المجلس الرئاسي الذي تشكَّل لحكم يوغوسلافيا احتفظ تيتو بصفته رئيسًا بكثير من السلطات حتى وفاته.
جواهر لال نهرو (1889 - 1964م):وهو ابن موتيلال وأول رئيس وزراء للهند. كان له تأثير استمر فترة طويلة على مؤسسات الوطن وطموحاته. أدى أيضًا دورًا رئيسيًا في الشؤون العالمية بوصفه أحد مؤسسي حركة عدم الانحياز.
وُلد نهرو في مدينة الله أباد وأرسله والده إلى هارو إحدى المدارس الإنجليزية البارزة ثم إلى جامعة كمبردج حيث نال درجة في العلوم. وعاد إلى الهند عام 1912م وشارك في النضال الوطني ضد الإنجليز. وفي عام 1920م شارك في حركة العصيان المدني (عدم التعاون مع حكومة الإنجليز). وكانت هذه نقطة تحول في حياته من ناحيتين؛ فقد جعلته على اتصال بالمهاتما غاندي الذي ظل على صلة وثيقة به طوال حياته، وأعطاه الخبرة المباشرة حول مستويات الفقر والفاقة الموجودة في الهند. ومنذ ذلك الوقت، كرس حياته كلها للنضال الوطني. سجنه البريطانيون في مناسبات عديدة. رأس نهرو المؤتمر القومي الهندي في أعوام 1929، 1936، 1937، 1946م، وكذلك بعد الاستقلال.
أدّى نهرو الدور الرئيسي في مفاوضات الاستقلال وجاء اختياره بالإجماع رئيساً للوزراء عام 1947م. تولى المنصب دون منافسة خطيرة حتى وفاته عام 1964م. وقاد حزب المؤتمر إلى النصر في ثلاثة انتخابات عامة متتالية. وبأفكار نهرو تبنت الهند دستورًا رفض الديانة في الأمور المدنية، وتبنى الديمقراطية البرلمانية. كما اقتنع أيضًا بأن الهند يمكن أن تتقدم اقتصاديًا بتبني التخطيط، الذي يمكن من الاستخدام الأمثل للعلم الحديث والتقنية الحديثة. وقد أشرفت لجنة التخطيط التي أسسها على سلسلة من الخطط الخمسية (لمدة خمس سنوات)، أنشئت خلالها صناعات الفولاذ والصناعات الثقيلة تحت سيطرة الدولة. وكان نهرو مصممًا على تحويل الهند إلى بلد اشتراكي، لكنه أصر أيضًا على أن يتحقق ذلك من خلال عملية ديمقراطية.
وعلى النطاق العالمي، عمل نهرو مع الزعيم المصري جمال عبدالناصر ورئيس يوغوسلافيا ـ سابقًا ـ جوزيف بروز تيتو والرئيس الأندونيسي أحمد سوكارنو لتأسيس حركة عدم الانحياز. كما أسس نهرو أيضًا علاقات ودية مع الاتحاد السوفييتي (سابقًا). وقد أدت هذه الحركة إلى بعض العداء مع الولايات المتحدة تجاه الهند. وسارت هذه العداوة إلى الأسوأ بسبب انحياز الولايات المتحدة إلى جانب باكستان. وفي البداية، كان نهرو ينشد الصداقة والتعاون مع الصين، لكن عملاقي آسيا أصبحا بالتدريج يتنافسان على زعامة آسيا. وتطورت الخلافات على الحدود إلى حرب شاملة عام 1962م. انتهت الحرب بهزيمة الهند التي ألقت بظلالها على السنوات الأخيرة من حكم نهرو. وقد توفي بعد إضراب مايو 1964م.
لم تدم كل أعمال نهرو، وبصفة خاصة في المجال الاقتصادي؛ حيث اعتبرت الصناعات الكبيرة المملوكة للدولة عبئًا على النمو، لكن أشد نقاده ضراوة يسلمون بأن الهند الحديثة مدينة لنهرو بحنكته وزعامته.
جمال عبد الناصر (1337-1390هـ، 1918 -1970م):جمال عبد الناصر مؤسس النظام الجمهوري في مصر بعد أن قاد ثورة يوليو 1952م التي أطاحت بالملك فاروق. وُلِدَ بالإسكندرية في أسرة تنتمي إلى بلدة بني مُر بمحافظة أسيوط، نشأ وتعلم بالإسكندرية والقاهرة ثم التحق بالكلية الحربية عام 1937م وتخرَّج ضابطًا عام 1938م وعين بسلاح المشاه في أسيوط ثم نقل إلى الإسكندرية. عمل في جمهورية السودان ثم عينُ مدرسًا بالكلية الحربية، وقد التحق دارسًا بكلية الأركان وعُين مدرّسًا بها.
واشترك عبد الناصر في حرب فلسطين (1948م) وحوصرت فرقته في الفالوجا. وبدأ عبد الناصر يخطط للتنفيذ العملي للثورة المصرية ضد الفساد. أخذ ينظم جماعة الضباط الأحرار الذين قاموا بثورة في 23 يوليو 1952م. وفي يونيو 1953م، تقلد عبد الناصر منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية. وفي فبراير 1954م عين رئيسًا للوزراء، وأصدر كتاب فلسفة الثورة. وفي عام 1955م، أدى دورًا مهمًا في مؤتمر باندونج، حيث انطلقت دعوة الحياد الإيجابي من دول آسيا وإفريقيا، وتطوّرت إلى مبدأ عدم الانحياز، وكان له دورٌ بارزٌ في ذلك. وفي عام 1956م، وقَّع معاهدة مع إنجلترا لجلاء القوات البريطانية من قاعدة قناة السويس بعد استعمار دام نحو ثلاثة أرباع قرن (1882 - 1956م). وفي العام نفسه، أصدر عبد الناصر مشروع دستور جديد، وتم استفتاء شعبي على الدستور وعلى رئيس الجمهورية. واجتمع عام 1957م أول مجلس نيابي بعد الثورة تحت اسم مجلس الأمة. وفي 26 يوليو 1956م، أمم قناة السويس على أثر انسحاب البنك الدولي وكل من أمريكا وإنجلترا من تمويل بناء السد العالي. وفي أكتوبر 1956م، اعتدت إسرائيل وفرنسا وإنجلترا على مصر كرد فعل لتأميم القناة، فقرر ألا تستسلم البلاد للعدوان إلى أن انتهت الحرب بانسحاب الدول الثلاث المعتدية. وعلى أثر ذلك نال عبد الناصر الاحترام كرجل دولة كبير. وفي فبراير 1958م قامت أول جمهورية عربية متحدة بين مصر وسوريا أعقبها اتحاد فيدرالي بين الجمهورية الجديدة واليمن. وقد انتكست في عهده أول تجربة وحدوية بين مصر وسوريا إثر الانفصال في سبتمبر 1961م. وفي 17 أبريل 1963م، وقع عبد الناصر ميثاق الوحدة بين العراق وسوريا ومصر. وأصدر القرارت الاشتراكية، وأمم المؤسسات الكبيرة وقاد عمليات التمصير وتحديد ملكية الأرض الزراعية. وقد نال الفلاحون والعمال مزايا كبيرة في ذلك العهد. وأعلن عبد الناصر مبادئ الفكر الجديد وأسس تنظيم الاتحاد الاشتراكي العربي الذي حل ّمحل الاتحاد القومي (1957م). وفي المجال العربي، ساند عبد الناصر ثورة الجزائر (1954-1961م) ضد الاستعمار الفرنسي بتقديم العتاد. وفي المجال الإفريقي، شارك في مؤتمرات الدار البيضاء (1962م)، وأديس أبابا (1964م)، حيث وضع ميثاق الوحدة الإفريقية، ووقع اتفاقيات اقتصادية وثقافية مع كثير من البلدان الحديثة الاستقلال. سافر إلى الهند ويوغوسلافيا وروسيا، كما شارك بشكل بارز في دور