هذه أحداث من وقائع ما حصل في بريان ...
لم يكن أحد يتصور أن تصرفات صبيانية بالألعاب النارية قادرة على أن تجر مدينة هادئة إلى طوفان من الدماء وألسنة نار جاءت على المساكن والمحلات التجارية و الورشات الصناعية، فلماذا لم تجر الألعاب النارية -قبل اليوم- بريان إلى منزلق شبيه..؟؟ ولماذا بريان بالتحديد يتوقف استقرارها وأمنها على المفرقعات التي سادت الوطن -كالعادة- بمناسبة مولد النبي محمد r..؟؟ وما هي هذه الصدفة التي تنشب لها أحداث بريان دون مثيلاتها في الشلف ووهران بالمفرقعات لا بسبب آخر ودون مطلب جماهيري واضح..؟؟
ما معنى أن يطالب السكان منذ أول ليلة بتدخل قوات الأمن ويلبى نداؤهم (السكان) بعد 06 ساعات كاملة، بالرغم من أن مقر فرقة الدرك يقع في مركز المدينة..؟؟ وهل يعقل أن تترك مدينة يفوق عدد مواطنيها 30 ألفا في مسؤولية 17 فردا من قوات الدرك..؟؟
لماذا تأخر الوالي -وأصر على ذلك حسبما صرح للصحافة- في استصدار أمر بإلقاء القبض على الأشخاص الذين كانوا يتحركون أمام مرأى قوات الأمن -والتسجيلات المرئية والصوتية كثيرة في هذا-، هل هو تطبيق لمنهج اللا عقاب من أجل تشجيع كل مراهق ومتهور الدخول في خط المواجهات، وبالتالي دفع الأمور إلى التعفن في أسرع وقت ممكن..؟؟ أم إتاحة لفرصة التوبة والاستدراك قبل الضرب بأداة القانون..؟؟
لماذا تسحب قوات الأمن بعد فترة وجيزة من نشوب الأحداث، في حين كان الكل يجمع على أن الأوضاع غير مستقرة تماما..؟؟ ومن أعطى المعلومة والتقدير بسحب القوات..؟؟ ألا يتحمل المتصرف في هذا القرار تبعات عودة الأحداث إلى الواجهة بعد أسبوعين فقط من انفجارها في أول يوم..؟؟
ولمصلحة من يعطل مطلب نزع الأسلحة من المواطنين جميعا وتسليمها -ولو مؤقتا- لمصالح الأمن..؟؟ وكذا مطلب إرجاع المسروقات إلى أصحابها تأكيدا على مسعى التصالح وتصفية الأجواء، ونسيان المخلفات المترسبة..؟؟ أم هو أسلوب لشد الحبل من الوسط، وترك الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات..؟؟ والمحافظة على الآلام لأكثر وقت ممكن..؟؟ أم تراه الوقت غير مناسب لهذا المطلب..؟؟
هل تفهم الأحداث على أنها عقوبة جماعية ضد الناخبين الذين صوتوا للأرسيدي بعد استفحال سوء التسيير، وسياسة الترقيع، وإصلاحات الواجهة التي أرجعت المدينة إلى السنوات الأولى من الاستقلال..؟؟ فمواطنو بريان قد صوتوا على الأرسيدي مجبرين لا مخيرين، تماما مثلما صوت الفلسطينيون على حماس ضد فتح تعبيرا عن تذمرهم من سياستها ومن أوضاعهم المسدودة جراء مسلسل السلام الذي لن ينتهي على ما يبدو..، وحتى إذا صوتوا على الأرسيدي، أليس لهم حق في ممارسة حقهم والعيش كاملي الحقوق كما هي الواجبات عليهم..؟؟
ثم، ما معنى أن يستحدث سعادة الوالي جمعية الأخوة لإيجاد فضاء للأعيان والفاعلين والمسؤولين من أجل حل للأوضاع -أو كما صرح به-، ثم ينصب في موقع رئيس الجمعية رئيس المجلس الشعبي البلدي السابق لبريان، وهو ذات الشخص الذي شهدت عهدته العديد من ملفات الفساد، والتضييق الشديد على محاكمات ضد كل من يتجرأ على فتح فمه بتصريح أو معلومة بهذا الصدد..؟؟، هل هو نوع من المحافظة على قوى النفوذ، وإعطائها فرصة للعودة إلى ممارسة المسؤوليات بعدما رفضتهم صناديق الانتخابات..؟؟ أم أنه تحكم في رقاب المواطنين إلى آخر رمق ونفس على أن تتفوه بأي شيء قد يزعج ذاك المستفيد أو يقض مضجع ذلك الانتهازي..؟؟ أم أنه محاولة لسد الطريق أمام كل نية صادقة لحل الأزمة..؟؟
أيضا، هل من الصدفة أن تكون أحداث بريان بعد أن فشلت أيادي النفوذ على الاحتفاظ بمنصب السلطة المحلية سنة 1990م ويتكرر الأمر نفسه في 2008..؟؟ أم أن نفس الأسباب تنتهي إلى نفس النتائج..؟؟ وبالتالي، هل يفهم بذلك أن منطق مصالح النفوذ المحلية لا ترضى بمنصب دون مقعد رئيس البلدية..؟؟
من جهة ثانية، لماذا أحجم الإعلام الثقيل عن ذكر أي شيء عن الأحداث، ولم يتدخل على الأقل لنقل الحقائق التي شوهتها بعد الجهات التي سمت نفسها إعلامية، أو يعقد ندوة أو برنامجا خاصا عن الأحداث، أم أن إعلامنا الثقيل أفلح في برنامج ألحان وشباب وبرامج التخدير وصناعة الفراغ، فصعب عليه تأدية الحق العمومي الذي تضبطه القوانين والأنظمة..؟؟
من جانب آخر، أين البرلمان والحكومة في كل ذلك، أم أن حمى العهدة الثالثة قد شلت حراك الجميع، وأدخلتهم في صراعات حزبية جانبية، ومعارك لتصفية الحسابات..؟؟ أم أن أسماء من العيار الثقيل قد يتهدد مستقبلها السياسي إن تم التحقيق في أحداث بريان..؟؟
مهما كانت وستكون الإجابة فإن المواطن البريء المنهك بالأحداث وتراكماتها، والمتعب من جراء عبث الأيادي الخفية التي تتحكم في مصير مدينة بمن فيها من المواطنين..، مهما كانت الإجابة فإن المواطن يجد نفسه أمام خيار آلي، ومصير محتوم، ونهاية قسرية، تؤهله ليكون عنصرا سلبيا في معادلة الاستقرار في بريان في أبسط الحالات.. ثم نطالب بعد هذا كله المواطن بعدم الالتجاء إلى المنظمات الدولية، وأبواق الإعلام الخارجية، وإبعاد فكرة الهجرة عن الوطن حتى على قارب يعتقد سلفا بأنه لن يوصله % 100 إلى الضفة الأخرى، فالمهم عنده في تلك الأثناء الهروب ولا شيء غيره، دون إمعان النظر في الوصول..، ترى في هذه الأوضاع والحالات من هي الجهة التي نلومها، ومن هم الأشخاص الذي نشير عليهم بالأصابع..؟؟
طبعا نحن لا نشرع ولا نجيز التخريب بأي شكل من الأشكال، حتى ولو كان بالكلام والكتابة، ناهيك عن استباحة القتل واستحلال الأعراض التي شرفتها الديانات السماوية تباعا، فهذا لا يتوافق عليه أي دين أو فلسفة أو فهم سوي، لكن بالمقابل ينبغي ويجب على كل ذي يد في زمام الأمر ببريان، بدءا من المسؤولين المحليين والأعيان والعقلاء من الطرفين، إلى أعلى مسؤول في سلم المهام في بلادي، أن يدركوا جميعا مدى خطورة المسؤولية التي ينبغي أن يؤدوها، ويعتبروا من الدروس التي مرت عليها المدينة وأهلها في هذه الشهور الأخيرة، ويرتدعوا مما ينتظرهم غدا أمام الله إن لم يتولوا المسؤولية التي أنيطت بهم كما يجب، فهذا أقصى ما يمكن أن نحتكم إليه، ونرفع إليه تظلماتنا وشكوانا، ونكل إليه أمورنا، فهو نعم المولى ونعم النصير.
حسبنا أننا بلغنا، اللهم فاشهد..
النص مقتبس الا أني أرجو أن ينال رضاكم