إخواني الاعضاء ويا زوار المنتدى
كما ترون الآن نحن على مشارف انتهاء شهر رمضان .. هذا الشهر الفضيل أوشك على القضاء .. فـ يا ضيق صدورنا على وداعه ..
عسى ربي أن يبلغني وإياكم رمضان القادم ..
صحيح أنه قارب على الإنتهاء لكن يا أحبائي في الله .. في هذه الأيام الأخيرة منه يكمن الفضل الكبير والأجر الكثير ..
أيام يتزايد فيها الأجر أضعاف كثيره ,,
أيام يكتب الله فيها لمن إتقى وأصلح من عباده العتق من النار,,
أيام تكون فيها ليلةٌ كثيرة ُالخيرِ، شريفةُ القدرِ، عميمةُ الفضلِ، متنوِّعةُ البركات ,, " ليلة القدر"
فما أسعدنا بقدوم هذي الأيام ,,
إنها " العشر الأواخر من رمضان "
هاهي العشر الأواخر ، ها هي خلاصة رمضان ،و زبدة رمضان ، و تاج رمضان قد قدمت ...
فـ يا أخي في الله ,, ويا أختي في الله
إذا كان قد ذهب من هذا الشهر أكثره، فقد بقي فيه أجلّه وأخيره، لقد بقي فيه العشر الأواخر التي هي زبدته وثمرته، وموضع الذؤابة منه.
من الأحاديث التي وردت في فضل العشر الأواخر ..
روى الإمام مسلم عن عائشة – رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يجتهد في العشر الأواخر، ما لا يجتهد في غيره".
وفي الصحيحين عنها قالت: "كان النبي – صلى الله عليه وسلم- يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر شمَّر وشدّ المئزر".
فمن هذه الأحاديث .. يتبين لنا فضل هذي الأيام ومافيها من خير كثير ..
فإذا كان رسولنا صلى الله عليه وسلم يحرص عليها أشد الحرص "وقد غفر له ماتقدم من ذنبه وما تأخر" حتى يظفر بما فيها من أجر .. فما أحرانا نحن المقصرون المذنبين المفرطين بصيامها وقيامها .. لعل الله أن يدركنا برحمته وواسع مغفرته ..
فـ ينبغي علينا اغتنام هذي الأيام المعدوده .. بالصلاة وقراءة القرآن والدعاء والذكر والصدقه ..
وأيضاً من خصائص هذا الشهر أنه تتخلله ليلة القدر ..
التي قال الله عنها:
(ليلة القدر خير من ألف شهر، تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر).
وقال فيها:
(إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين، فيها يفرق كل أمر حكيم)
تلك الليلة الزاهية ، تلك الليلة البهية ، ليلة القدر ، ليلة نزول القرآن ، ليلة خير من ألف شهر .
نعم إنها ليلة القدر
التي من قامها إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه (كما في البخاري من حديث أبي هريرة ).
إنها ليلة القدر
التي إن وفقت لقيامها كتب لك كأنك عبدت الله أكثر من ( 83 ) عاما
إنها ليلة القدر
ليلة عتق و مباهاة ، وخدم و مناجاة ، و قربة و مصافاة .
وآه لنا أن فاتتنا هذه الليلة .
وا حسرتاه إن فاتتنا ليلة القدر .
و كيف لا يتحسر من قد فاتته المغفرة ،من فاته عبادة أكثر من ثلاث و ثمانين عاما ، إن من تفوته فهو المحروم ، وهو المطرود .
أطلّّي غُرّةَ الدهرِ .. أطلي ليلةَ القدرِ
أطلي درّةَ الأيام .. مثلَ الكوكب الدرّي
أطلّي في سماء العمر .. إشراقاً مع البدرِ
سلامٌ أنتِ في الليل .. وحتى مطلعِ الفجرِ
سلامٌ يغمرُ الدنيا .. يُغشّي الكونَ بالطهرِ
وينشرُ نفحةَ القرآنِ .. والإيمانِ والخيرِ
لأنكِ منتهى أمري .. فإني اليوم لا أدري
فأنتِ أنتِ أمنيتي.. لأنك ليلة القدرِ
أما عن وقت ليلة القدر فقد وردت أحاديث كثيرة في ذلك ..
ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( التمسوها في العشر الأواخر ، في الوتر) رواه البخاري
وفي الأوتار منها بالذات ، أي ليالي : إحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين ، وخمس وعشرين ، وسبع وعشرين ، وتسع وعشرين.
وقد ورد دليل عن ابن عباس أنها في اليوم السابع والعشرين ..قال ابن عباس رضي الله عنه : ( أنها ليلة سبع وعشرين )
وقد تكون ليلة ثلاث وعشرين..
كما جاء في رواية عبد الله بن أُنيس رضي الله وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( التمسوها في العشر الأواخر من رمضان في تاسعة تبقى ، في سابعة تبقى ، في خامسة تبقى )
ورجّح بعض العلماء أنها تتنقل وليست في ليلة معينة كل عام..
قال النووي رحمه الله : ( وهذا هو الظاهر المختار لتعارض الأحاديث الصحيحة في ذلك ، ولا طريق إلى الجمع بين الأحاديث إلا بانتقالها )
فقيام ليلة القدر -وهي إحدى ليالي الوتر من العشر الأخير من رمضان- أفضل عند الله من عبادة ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ..
وذلك لقوله تبارك وتعالى : ( ليلة القدر خير من ألف شهر)
ولو أصاب مسلم ليلة القدر فقامها لمدة عشرين سنة فإنه يكتب له بإذن الله ثواب يزيد على من عبد الله ألفا وستمائة وستة وستين سنة.
أليس هذا عمرا إضافيا طويلا يسجل في صحيفتك لا تحلم أن يتحقق لك فتقوم به في الواقع؟
فـيا أخي ..
اجتهد في هذه الأيام .. إحرص عليها كل الحرص .. فماهي الا أيام قليلة بـأجر لا يعد ولا يحصى ..
إقضها بما ينفعك في آخرتك .. ولا تضيعها باللهو واللعب والسهر .. فوالله إنك لسوف تخسر الكثير الكثير إن أضعتها بما لا ينفعك ..
استغلوا هذي الأيام ..
هل تضمنون أعماركم ؟ هل تعلمون ماذا سوف تكون حالكم في رمضان القادم.. أحياءً أم تحت التراب تحاسبون على ما قد أضعتموه بأنفسكم ؟
أنتم والله لا تدرون هل تدركون هذه العشر مرة أخرى، أم يحول بينكم وبينها الموت، بل لا تدرون هل تكملون هذه العشر، وتُوفّقون لإتمام هذا الشهر أم لا ؟!!
وقبل الوداع ..
همسة قبل أن يرحل رمضان ,,
دع البكـــاء على الأطلال والدار ***واذكر لمن بات من خل ومن جار
وذر الدموع نحيباً وابك من أسف *** على فراق ليال ذات أنوار
على ليال لشـهر الصوم ماجعلت *** إلا لتمحيص آثام وأوزار
يالائمي في البكـاء زدني به كلفاً *** واسمع غريب أحاديث وأخبار
ما كــان أحسننا والشمل مجتمع *** منا المصلي ومنا القانت القاري
وداعاً يا شهر يا رمضان !
وداعاً يا شهر الخيرات والإحسان !
وداعاً يا ضيفنا الراحل !
مضى كثيرك ولم يبق بين أيدينا منك إلا أيام قلائل ، عشر تجاورنا اليوم وهي إلى الرحيل أقرب من البقاء ..
ولئن قال ابن رجب في لطائفه عند الفراق :
ياشهر رمضان ترفّق ، دموع المحبين تدفّق ، قلوبهم من ألم الفراق تشقّق . عسى وقفة للوداع تطفيء من نار الشوق ما أحرق ، عسى ساعة توبة وإقلاع ترقع من الصيام ماتخرّق ، عسى منقطع من ركب المقبولين يلحق ، عسى أسير الأوزار يُطلق ، عسى من استوجب النار يُعتق ..
آهـ فما أحرانا بتدبّر قوله ، وفعل يطفيء حرارة الوداع .
أيها الشباب قبل أن تُشيعوا ضيفكم الميمون عودوا إلى أنفسكم حفظكم الله وتأملوا ماذا قدّمتم بين يديه ؟ وما هي الأسرار التي بينكم وبين ربكم في أيام شهركم وسيرحل بها رمضان ؟