roberto ♥ عضو جديد ♥
♠ عدد المساهمات ♠ : 43 ♠ العمر ♠ : 33 ♠ نقاط النشاط ♠ : 16204 ♠ السٌّمعَة ♠ : 1 ♣ التوقيت ♣ :
| موضوع: لكل واحد منا حق على أخيه 2010-03-12, 17:59 | |
| المحتويات المحتويات 1 1 - من ثمرات اهتدائهم على يديك: 2 2 - جوانب مضيئة من سيرتهم: 6 الجانب الأول:عدم رضاهم عن حالهم : 7 الجانب الثاني: : رغبتهم في تغيير حالهم: 7 الجانب الثالث: تفكيرهم في الالتزام : 8 الجانب الرابع :أن أكثر هؤلاء يشعر أن الالتزام طريق السعادة: 8 الجانب الخامس:استجابتهم للنصيحة: 9 الجانب السادس : سماع الشريط الإسلامي : 10 الجانب السابع : موقفهم من الشباب الملتزم : 11 3 - قبل الدعوة : 12 محاذير وتنبيهات: 15
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد :- موضوع هذا الدرس عن واجب الشباب الصالحين والأخيار تجاه إخوانهم الذين لم يسلكوا طريق الاستقامة، وهو بعنوان (من حق إخواننا علينا) وهو امتداد للمحاضرة التي ألقيت يوم الأحد الماضي وكانت بعنوان: (عوائق الاستقامة)، وسأعرض موضوعاً آخر إن شاء الله سيكون بعنوان : رسالة إلى شاب. 1 - من ثمرات اهتدائهم على يديك: عندما يهدي الله سبحانه وتعالى أحد العصاة على يديك، فهل تأملت ما الثمرات التي تجنيها من وراء ذلك ؟ إنها ثمرات عدة، وليست ثمرة واحدة. الثمرة الأولى:أن لك مثل أجورهم: فقد قال :"من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الوزر مثل أوزار من تبعه لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً" رواه مسلم وأحمد وأصحاب السنن الأربعة من حديث أبي هريرة. فهذا الشاب عندما يهديه الله على يديك لابد أن يكون له نصيب من الصلاة والصيام والصدقة والزكاة والاجتهاد في النوافل وغير ذلك من أبواب الطاعة والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى فلك حينئذ مثل أجره. وقد تكون أنت مقصراً في العمل، وقد يكون لديك بعض الكسل والفتور، فلا تكون صاحب همة في الاجتهاد في الطاعات والنوافل، فيهدي الله على يديك من يكون أكثر منك همة، وأكثر منك تقوى وورعاً وطاعة لله عز وجل، فيكتب الله لك بذلك أجراً. الثمرة الثانية :أن هذا الأمر خير من حمر النعم : فقد قال لعلي بن أبي طالب لما أرسله إلى اليهود في خيبر: "لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله"، فأعطاها علياً ، وقال له فيما ما أوصاه به: "لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم" رواه الإمام أحمد والشيخان من حديث سهل . وفي هذا الحديث يخبر النبي : أن هداية أحد على يد علي -والخطاب ليس خاصاً به - خير له من حمر النعم، وحمر النعم أنفس ما كان يملكه العرب في ذلك الوقت، ألا وهي الإبل تلك الرواحل التي كانوا يمتطونها، ولكي تعلم قيمتها فاعرف أنهم كانوا يقدرون الدية – غالباً - بها فدية الرجل عندهم مائة من الإبل، وكذلك دية الجروح والقصاص المقدرة وسائر الديات المقدرة إنما تقدر غالباً بالإبل نظراً لقيمتها عندهم ومع هذا كله فهداية الرجل الواحد خير لمن هداه الله على يديه من حمر النعم. إن الكثير من الشباب يتمنى أن يحصل على سيارة، وتزداد الأمنية عندما تكون السيارة جديدة ولم يستعملها أحد قبله، وكم يفرح ويُسر عندما يتيسر له هذا الأمر، فكيف لو قيل له سوف نعطيك أنفس السيارات التي يقتنيها الناس ويفاخرون بها ؟ إن هداية رجل واحد على يديك خير لك من ذلك كله هذا إذا كان رجلاً واحداً فكيف إذا كان أكثر من ذلك ؟ الثمرة الثالثة :الدعوة لصالحة: إنك حين تدعو أحداً إلى الهداية فلن تحرم منه دعوة صالحة يدعو لك بها؛ إذ أنقذه الله على يديك من الظلمات إلى النور. وقد أخبر النبي أن دعوة الأخ لأخيه بظهر الغيب مجابة فيكون عند رأسه ملك يقول له : آمين ولك بمثله. فإذا منَّ الله سبحانه وتعالى على يديك بهداية أحدهم فسيعرف لك هذا الفضل، وسيعرف لك ما قدمت له،ولن يبخل عليك بدعوة صالحة بإذنه تعالى. بل قد تكون أنت نائماً في فراشك، وهو قائم بين يدي الله سبحانه وتعالى في ثلث الليل الأخير، حين يقول الله عز وجل :"من يدعوني فأستجيب له؟" فيدعو لك بدعوة صالحة خالصة من قلبه، يكتب الله لك بها الخير إلى يوم تلقاه. الثمرة الرابعة :الجزاء من جنس العمل: الجزاء من جنس العمل قاعدة شرعية معروفة، وأنت سيكون لك بعد ذلك ذرية وأبناء بمشيئة الله، والقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن، ومهما أوتيت من قدرات تربوية، ومهما كان عندك من الحرص والعناية والاهتمام، فإن صلاحهم يبقى بعد ذلك ليس إليك، فالتوفيق بيد الله سبحانه وتعالى. وكم نرى من الأبناء الذين يعتني بهم آباؤهم ويحرصون عليهم ويبذلون الغالي والنفيس لحمايتهم، ومع ذلك لا يوفقون، ونرى في المقابل من الآباء المعرضين الغافلين من كان لهم أبناء صالحون، متبعون لأمر الله سبحانه وتعالى. لا شك أن التربية لها دور مهم وأن المناصحة والعناية والاهتمام له دور في صلاح الابن ولكن يبقى بعد ذلك توفيق الله سبحانه وتعالى، فإذا كنت تحمل هم أبناء الناس، وتسعى إلى إصلاحهم، ويؤرقك هذا الأمر، وتجتهد غاية الاجتهاد في استنقاذ هؤلاء من الضلال والانحراف، فلعل مما يكافئك الله سبحانه وتعالى به: أن يجزيك من جنس عملك فيصلح لك ذريتك وأولادك، وهي من أعلى النعم التي يجدها العبد في الحياة الدنيا، ولا تقدر بثمن أبداً فالصالحون دعاؤهم لله تبارك وتعالى ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً. وهذا الأمر يمثل امتدادا لعملك الصالح، يقول النبي : " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث :صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" إننا حينما نجتهد في استنقاذ هؤلاء من الفساد بدعوتهم إلى الله، ونبذل في ذلك نفيس أوقاتنا لنتفاءل أن الله سبحانه وتعالى سيقيض بعد ذلك لأبنائنا -ولو بعد وفاتنا- من يدعوهم إلى الله سبحانه وتعالى، وقد يموت أحدنا وابنه لا يزال صغيراً؛ فحينئذ من له بعد الله سبحانه وتعالى ؟ إن دعوتنا إلى الله تعالى لمما نرجو به صلاح ذريتنا واستقامتهم على الهدى. ولذلك قال الله عز وجل في قصة موسى والخضر فوجدا فيها جداراً يريد أن ينقض فأقامه قال :لو شئت لاتخذت عليه أجراً ، ثم لما أخبره الخضر عن تأويل ما لم يستطع عليه صبراً أعلمه بشأن الجدار وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحاً فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك… فقد حفظ الله هذين الغلامين بصلاح أبيهما، ولا شك أن الذي حفظهما في مالهما سبحانه وتعالى يعلم أنهما أحوج إلى أن يحفظا في دينهما. أقول: لعلك حينما تجتهد في هذا الأمر أن تجزى هذا الجزاء، فيحفظ الله لك ذريتك ويقيض لأولادك من ينظر إليهم بتلك النظرة التي تنظر بها إلى الناس؛ فالجزاء من جنس العمل. الثمرة الخامسة :أن هذا من شكر النعمة : فقد منّ الله عليك بالهداية والتوفيق إلى سلوك طريق الخير، ولاشك أن الفضل أولاً وآخراً له سبحانه وتعالى، وسوف تسأل عنها يوم القيامة فهي مثل سائر النعم الأخرى من حقها عليك أن تشكرها، وأعظم شكر لهذه النعمة أن تنقل هذه النعمة إلى غيرك الذي قد حرمها. وأن تجتهد في دعوة هؤلاء إلى سلوك هذا الطريق الذي منّ الله عليك بسلوكه، ولو شاء ربك لكنت مثل هؤلاء، والقلوب بين أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء، وقلب ابن آدم أشد تقلباً من القدر إذا استجمعت غلياناً، كما ثبت ذلك عنه . فهذا العمل فيه شكر للنعمة وأحرى به أن يكون سبباً لتوفيق الله سبحانه وتعالى لك في الثبات على هذا الطريق طريق الهداية. وذلك لما ذكر في الثمرة السابقة. يقول ابن القيم في نونيته : بالحق في ذا الخلق ناظرتان إذ لا ترد مشيئة الديان أحكامه فهما إذا نطران من خشية الرحمن باكيتان فالقلب بين أصابع الرحمن واجعل لقلبك مقلتين كلاهما فانظر بعين الحكم وارحمهم بها وانظر بعين الأمر واحملهم على واجعل لوجهك مقلتين كلاهما لو شاء ربك كنت أيضاً مثلهم
الثمرة السادسة:وماذا لو كان داعية؟ ماذا لو هدى الله على يديك شاباً معرضاً غافلاً، كان همه الأمور الساقطة، ثم بعد أن منّ الله عليه بالهداية أصبح شخصاً آخر: خطيباً مفوهاً يقول كلمة الحق ويستمع الناس إليه، أو واعظاً يبكي القلوب، أو داعية ينفع الله به الأمة؟ بل و لا تستبعد يا أخي أن يكون مجدداً، أليس النبي أخبر : أن الله عز وجل يبعث على رأس كل مائة سنة لهذه الأمة من يجدد لها أمر دينها؟. يقول ابن القيم رحمه الله مثنياً على شيخه ابن تيمية رحمه الله بعد أن تحدث عن ضلال من ذكرهم من الضالين وما في كتبهم: من مشفق وأخ لكم معوان تلك الشباك وكنت ذا طيران من ليس تجزيه يدي ولساني أهلاً بمن قد جاء من حران حتى أراني مطلع الإيمان نزل الهدى وعساكر القرآن حصباؤه كلآلئ التيجان ما زال يشخب فيه ميزابان وهما مدى الأيام لا ينيان
من جنة المأوى مع الرضوان ياقوم والله العظيم نصيحة جربت هذا كله ووقعت في حتى أتاح لي الإله بفضله حبر أتى من أرض حران فيا أخذت يداه يدي وسار فلم يرم ورأيت أعلام المدينة حولها ووردت كأس الماء أبيض صافيا ورأيت حوض الكوثر الصافي الذي ميزاب سنته وقول إلهه ثم قال: فالله يجزيه الذي هو أهله
ومع ما كان للإمام أحمد بن تيمية من دور بارز في تجديد العقيدة ومع ما له من أيد يضاء سطر فيها ابن القيم في ثنائه على شيخه ما سطر، لكن انظر إلى ما لابن القيم من مواقف وصولات مع المبتدعة وإلى مواقفه أيضاً في نصرة الدين، وإلى مصنفاته التي لا زال العلماء يعضون عليها بالنواجذ، فتأمل أخي كم لابن تيمية رحمه الله من أجر وكم حصل له من التوفيق بهداية ابن القيم رحمه الله على يديه. فتخيل يا أخي -وهذا ليس بعيداً أبداً - أن الله هدى على يديك شخصاً كان له دور في خدمة دين الله وإعلاء كلمة الله. قد تكون طاقاتك محدودة وقدراتك العقلية والعلمية محدودة، بل قد تكون همتك محدودة، لكن يهدي الله على يديك رجلاً صاحب همة وطاقات، أعطاه الله عقلاً وقدرة، فيسخّر طاقاته وقدرته لدين الله سبحانه وتعالى بطلب العلم وتعليمه، والدعوة إلى الله عز وجل، فكم سيكون سرورك وفرحك وأنت ترى في الحياة الدنيا عاجل ثمرة دعوتك ؟ وأما ما عند الله سبحانه وتعالى فهو خير وأبقى. هذه بعض الثمرات التي يجنيها من رزقه الله نعمة الدعوة إلى الله ومنّ بها عليه ومن أنقذ الله سبحانه وتعالى على يديه من هؤلاء من الضلالة 2 - جوانب مضيئة من سيرتهم: من خلال الدراسة التي أجريت، والاستبانات التي وزعت اتضح أن إخواننا هؤلاء يعيشون في عالم آخر فيه ما فيه من الضياع والانحراف والغفلة، وهذا أمر قد لا نتصوره مع أننا ندرك خطورة ما هم عليه، وكلما ازداد أحدنا اطلاعاً على واقع هؤلاء عرف ذلك العالم الذي نغفل عنه وننساه، فنحن في المحاضرات والدروس لا نكاد نقابل إلا الذين منّ الله عليهم بالهداية، أما أولئك الأفواج التائهة الضائعة، فلا نعرف عن حالهم إلا القليل القليل، ولكن مع تلك الجوانب السيئة فهناك جوانب إيجابية لديهم منها : الجانب الأول:عدم رضاهم عن حالهم : أكثر هؤلاء مع أنه يتمتع بالشهوات ويرخي لنفسه العنان فهو غير راضٍ عن حالته التي هو عليها، وقد وجه إليهم سؤال، هو :ما مدى رضاك عن حالك الآن من الناحية الشرعية؟ وكانت الإجابات على النحو التالي: - 6%فقط من طلاب المرحلة الثانوية قالوا إنهم راضون تماماً عن حالهم. - 14%من طلاب المرحلة المتوسطة راضون تماماً. - أما البقية والذين يمثلون نسبة 94%من طلاب المرحلة الثانوية و 86%من طلاب المرحلة المتوسطة فعندهم قدر من عدم الرضا يتفاوت. - الذين منّ الله عليهم بالاستقامة بعد أن كانوا في طريق الانحراف وهم فئة(ب)وجه إليهم سؤال :هل كنت راض في ذلك الوقت (وقت الانحراف)عن حالك؟ 15%أجاب أنه كان متضايق جداً. - 30%من المرحلة الثانوية غير راضين عن حالهم. - 32%من الفئة الثانية (ب) غير راضين. - 22%من المرحلة المتوسطة أجابوا أنهم غير راضين. - 51%من المرحلة الثانوية غير راضين عن حالهم نوعاً ما. - 64% من المرحلة المتوسطة أجابوا الإجابة نفسها. والخلاصة : أن أكثر هؤلاء عنده قدر من عدم الرضا والقناعة بحاله التي هو عليها بتفاوت، فبعضهم متضايق جداً، وبعضهم غير راض، وبعضهم الأمر عنده دون ذلك، لكن معظمهم يشتركون في أنهم غير راضين عن حالهم التي هم عليها. لاشك أن هذا جانب إيجابي يخدمنا في دعوتهم، ويشعرنا أن هؤلاء لديهم قرب من الحق وطريق الاستقامة. الجانب الثاني: : رغبتهم في تغيير حالهم: عندما سئل أفراد الاستبانات الموزعة عن رغبتهم في تغيير حالهم، كانات نسب الإجابات كما يلي : - 3% من طلاب المرحلة الثانوية، و7%من طلاب المرحلة المتوسطة فقط قالوا إنهم لا يرغبون في تغير حالهم. البقية يتفاوتون، على النحو التالي: - 46%من طلاب المرحلة الثانوية، و37% من المرحلة المتوسطة رغبتهم أكيدة. ونلاحظ تفاوت النسب بشكل واضح بين المرحلة الثانوية والمرحلة المتوسطة، فكلما تقدم الشاب في السن ازداد تعقلاً وإدراكاً لسوء حاله التي هو عليها، ومن ثم ازداد رغبةً في تغيير حاله التي هو عليها. الجانب الثالث: تفكيرهم في الالتزام : - 93% من المرحلة الثانوية و92%من المرحلة المتوسطة فكروا في الالتزام. إذاً فأكثر هؤلاء لا يقف الأمر بهم عند عدم الاقتناع، بل فكر فعلاً في الالتزام، وهؤلاء الذين فكروا في الالتزام : - 32%منهم فكر تفكيراً جاداً في الالتزام. - 71% من المرحلة الثانوية و 74% من المرحلة المتوسطة فكروا في الالتزام ثلاث مرات أو أكثر. - 49%من المرحلة الثانوية و34%من المرحلة المتوسطة بدأوا خطوات عملية، مثل المحافظة على الصلاة، والجلوس في المسجد بعد صلاة الفجر في الإجازة، والالتحاق بالصاحين، وتمزيق الصور، وحرق الأفلام والأشرطة، ولكن لم يستطيعوا الثبات على الطريق الذي بدؤوا في سلوكه. الجانب الرابع :أن أكثر هؤلاء يشعر أن الالتزام طريق السعادة: وجه سؤال هو:هل تشعر أن الالتزام طريق السعادة ؟ وكانت الخيارات التي أمامهم فكانت النتيجة كما يلي : - أجاب بنعم :79%من طلاب المرحلة الثانوية، و81%من طلاب المرحلة المتوسطة وهؤلاء قالوا إنهم يشعرون بأن الالتزام طريق السعادة. - أجاب بلا أدري : 21% من طلاب المرحلة الثانوية و 18%من طلاب المرحلة المتوسطة. - أجاب بلا: 0.5%من طلاب المرحلة الثانوية و 1%من طلاب المرحلة المتوسطة، أي شخص واحد من المرحلة المتوسطة وشخص واحد من المرحلة الثانوية الذين لا يشعرون بأن الالتزام طريق السعادة. فلست بحاجة إلى مزيد من بذل الجهد في دعوته لإقناعه بأن هذا هو طريق السعادة فهو يشعر بذلك، ولكن حدثه عن السعادة التي وجدتها بعد استقامتك، وحدثه عن جوانب منها. الجانب الخامس:استجابتهم للنصيحة: وجه إليهم سؤال هو: هل وجه لك نصيحة شخصية ؟ وكانت إجابتهم كما يلي : - 88%من طلاب المرحلة الثانوية و 85%من طلاب المرحلة المتوسطة أفادوا بأنهم قد تلقوا نصيحة شخصية. ثم وجه للذين تلقوا نصيحة شخصية سؤال آخر هو: ما أثر هذه النصيحة عليك؟ فكانت الإجابة على ما يلي : - 31%من المرحلة الثانوية و 34% من المرحلة المتوسطة أي قريباً من الثلث، أجابوا بأنهم استقاموا مدة محدودة. فلم يقتصروا على قبول النصيحة والتأثر بها، بل استقاموا فعلاً، لكنها مدة محدودة لم يستمروا عليها. - 36%من المرحلة الثانوية و 40%من المرحلة المتوسطة أفادوا أنهم تأثروا تأثراً وقتياً. - إذاً 67%من المرحلة الثانوية و 74%من المرحلة المتوسطة ممن تلقوا نصيحة شخصية، كان أثر النصيحة عليهم أثر إيجابياً، فإما أنه استقام مدة محدودة، وإما أنه تأثر تأثراً وقتياً، وهي قضية نشاهدها، فعندما نتحدث في الفصل مع الطلاب، ونوجه لهم نصيحة أو موعظة، نشاهد في وجوه الكثير من هؤلاء التأثر، ونشعر فعلاً بعلامات الندم ترتسم عليها، فكيف إذا كانت النصيحة نصيحة شخصية ؟ - 23%من المرحلة الثانوية و 25%من المرحلة المتوسطة يقول شكرته ولم أستجب له، بمعنى أن لديه شكراً وعرفاناً لهذه النصيحة وإن لم يستجب لها، هذا بلا شك يعد جانباً إيجابياً بحد ذاته، فأنت عندما تنصح إنساناً، ويشكر ويقدر ويثني ولو لم يستجب فإنك تشعر أن جهدك لم يذهب سُدى. وأما الذين سخروا من الذين أسدوا لهم النصيحة فأفاد : - 2% من المرحلة الثانوية و 1%من المرحلة المتوسطة أنهم سخروا ممن وجه لهم النصيحة، ولكن عندما تكون النصيحة جادة أخوية فلا شك أنه من النادر أن تجد من يسخر منك. إذاً فقد عرفت نسبة الذين يستجيبون للنصيحة، فيسمعونها وتؤثر فيهم كما عرضنا وكما نشاهد، وعندما جلسنا مع بعض الشباب على الرصيف كانوا مؤدبين فأبدوا لنا الترحيب، وكان بعضهم يدخن فأطفأ سيجارته، وجلسنا معهم وعرضنا عليهم موضوع عوائق الاستقامة، وسألناهم ما الذي يمنعكم من سلوك طريق الاستقامة ؟ ودخلنا معهم في النقاش، ثم بعد ذلك استأذنا منهم، فقال أحدهم :إنك جعلت هذا الموضوع عائقاً بينك وبين النصيحة، فقد كنا ننتظر منك أن توجه لنا نصيحة شخصية بعد ذلك، فلماذا لم توجه لنا هذه النصيحة ؟ وكان حديثه وطلبه محرجاً لنا، وهو دليل على أن هؤلاء عندهم رغبة، وعندهم حرص أن يسلكوا طريق الاستقامة، وهم يرحبون بالنصيحة، وأسوأهم حالاً من يرحب ترحيب مجاملة ولا شك أن هذا يعطيك دافعاً أكبر. ونلاحظ من خلال النسب التي عرضناها، أن استجابة طلاب المرحلة المتوسطة للنصيحة وتأثرهم بها أكثر، مع أن طلاب المرحلة الثانوية أكثر جدية، ولكن طلاب المرحلة المتوسطة يسهل التأثير عليهم لأنهم لم يغوصوا بعد في أعماق الفساد والشهوات. الجانب السادس : سماع الشريط الإسلامي : وجه إليهم سؤال هو: هل تسمع الشريط الإسلامي ؟ فأجاب: 6% من المرحلة الثانوية و 5%من المرحلة المتوسطة بأنهم لا يسمعون الشريط الإسلامي إطلاقاً، والبقية يسمعون سماعاً متفاوتاً، ومنهم من يسمع دائماً، ومنهم من يسمع كثيراً، ومنهم من يسمع على ندرة، لكن هؤلاء يشتركون في أنهم يسمعون الشريط الإسلامي. بل أفاد أكثر هؤلاء أن أكثر الوسائل التي يرونها تأثيراً على الشباب هو الشريط. ولاشك أن هذا الجانب إيجابي يجب أن نعتني به، فإذا كان هؤلاء لديهم استعداد أن يسمعوا الشريط الإسلامي فهذا يدفعنا إلى أن نخصص لهم حديثاً خاصاً، ومحاضرات خاصة، خطباً خاصة، وإصدارات خاصة موجهة لهم، ثم نسلك معهم وسيلة أخرى، وهي نقل الشريط الإسلامي، وإهداؤه وتوزيعه عليهم، فالكثير منهم يسمع الشريط الإسلامي،ويتأثر به حيث أفاد أكثر من 60% تقريباً أنهم يتأثرون عندما يسمعون الشريط. وهذه رسالة نوجهها إلى أصحاب التسجيلات ليعتنوا بهذا الجانب، وليعتنوا بهذه النوعية من الشباب. وكذلك نوجهها إلى مشايخنا وأساتذتنا من العلماء والدعاة بأن يعتنوا بهؤلاء فيقدموا لهم مادة قوية قيمة، وإذا عرفنا مدى ما لدى هؤلاء من الاستعداد لسماع الشريط الإسلامي، فما نسبة المادة الموجهة لهم من المواد المعروضة في التسجيلات ؟ لاشك أن المحاضرات والخطب التي تأخذ الجانب الوعظي تناسب هؤلاء، ولكن هل يجد هؤلاء حديثاً واقعياً فيه نقاش عقلي لمشاكلهم الخاصة، وما يواجهونه من عقبات، وفيه الاهتمام بهم؟ وقد أبدى لنا كثير من هؤلاء الشباب شكره على اهتمامنا به، وعلى توجيه مثل هذه الأسئلة والاستبانات التي تُشعر بالاهتمام والعناية بشأنه. الجانب السابع : موقفهم من الشباب الملتزم : لقد فوجئنا فعلاً بنتيجة ما كنا نتوقعها من حيث موقف هؤلاء من الشباب الملتزم، كان من الأسئلة الموجهة لهم : كلمة توجهها إلى كل من : الأب، الأستاذ، الداعية، الشاب الملتزم. ولنعرض بعض الكلمات التي وجهها هؤلاء للشباب الملتزمين، والكثير من هؤلاء رسالته للملتزمين : أن ينصحوا إخوانهم، وأيضاً : ترك العزلة، والأنانية، وكسر الحواجز بينه وبين غير الملتزمين. فهو يرى أنك عندما تستأثر بهذا الخير وحدك وتبتعد عنهم أنك تملك قدراً من الأنانية، ويرى أنه ينبغي أن تشركهم في هذا الخير الذي بين يديك. وهذه بعض أقوالهم : أن يكونوا قدوة صالحة ليدركوا أهميتهم. أن يحمدوا الله على الهداية. تقديم النصيحة لغير الملتزمين مرة ومرة. أن ينظر أمامه فلا يبالي بمن يسخر به فهو أفضل منه. أن يتحملوا كل ما يقال لهم ويصمدوا ويكونوا خير مثل. جزاهم الله خيراً، لا أقترح عليهم شيئاً لأنهم قائمون بواجبهم التام. أتمنى أن أكون مثلهم. هم قدوتنا نحو الصلاح. أشكركم على ما فعلتم بي. المحاولة أن يكون لهم كيان، ويؤثروا على غيرهم. نسأل الله أن يثبتهم، وأن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر. إن العيون موجهة إليكم، عيون أهل الشر، وعيون أهل الخير فكونوا على أهبة الاستعداد. زوروا الشباب غير الملتزم ووجهوا إليهم النصيحة (وهذه الكلمة تكررت أكثر من مرة). كونوا على جانب كبير من الأخلاق والتعامل للتأثير على الغير. عدم التفكير في الرجوع إلى ما كانوا عليه. الإصرار والعزيمة وأن يعرفوا أنهم على حق، ولا يهتموا بكلام الناس. كم أسرُ عند رؤيتكم، يا أحفاد أبي بكر وعمر وعلي وعثمان. هذه بعض ما وصلتنا من مشاعر تجاه الملتزمين، صحيح أن بعضهم انتقد، وبعضهم ذكر جوانب سلبية، لكن أكثر هؤلاء ذكروا عبارات مثل هذه، وتجمع هذه العبارات على أنهم يحبون الشاب الملتزم، ويثقون به. لاشك أن هذا الأمر يخدمك كثيراً عندما تشعر أن هؤلاء يحبونك وإن أبدوا السخرة والاستهزاء، وغالبا لا يسلك منطق الاستهزاء والسخرية إلا الشخص الذي ليس له قناعة من الطريق الذي هو عليه، أما صاحب القناعة فلا يمكن أن يسلك هذا الطريق. 3 - قبل الدعوة : ثمة أمور مهمة تهيئ الأرضية المناسبة لسماع الدعوة والتأثر بها، ومنها: أولاً :حسن الخلق أثقل ما في ميزانك : لقد عظم النبي شأن حسن الخلق،وأخبر أنه ما من عمل أثقل في ميزان العبد يوم القيامة من حسن الخلق، وأخبر : أن العبد يبلغ بحسن الخلق درجة الصائم القائم،وأخبر : أن أحب الناس إليه أحاسنهم أخلاقاً، والحديث عن حسن الخلق يطول. ولا شك أن لحسن الخلق والتعامل والبشاشة وطلاقة الوجه مع هؤلاء وغيرهم أثر كبير في دعوتهم واستجابتهم وتأثرهم. كم من أصحاب النبي أسلم بسبب حسن خلقه ، أو بسبب موقف واحد رآه من الرسول . ثانيا: الإحسان إلى الناس: تقول خديجة رضي الله عنها لما جاء النبي إليها يشتكي فزعاً بعد شدة الوحي: والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتقري الضيف، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الدهر" قد كانت هذه أخلاق الرسول ولنا فيه قدوة وأسوة حسنة. وقبل ذلك كان يوسف عليه السلام مشتهراً بين من حوله بإحسانه لذا فقد قال صاحباه في السجن إنا نراك من المحسنين. وأنت في السيارة تستطيع من خلالها أن تُشعر الناس بأنك تتأسى بالنبي في حسن الخلق ومساعدة الناس، ومن ذلك فسح الطريق للناس وإعطائهم الأولوية، وإعانة من يحصل عليه عطل في سيارته، وهذا من خلق النبي الذي قال : "وتعين الرجل على دابته فتحمل عليها أو تحمل له متاعه عليه صدقة ". ومن ذلك أيضاً مساعدة زملائك في الفصل في الإعانة على شرح مسألة، أو إيثار بمقعد، أو احتمال جفوة من أحدهم. إذا علم هؤلاء أن هذا منهج الصالحين وأن هذا مما أملاه عليهم صلاحهم فلربما أعاد التفكير، ولربما أثرت فيه هذه الأخلاق تأثيراً بالغاً ولكم كُسب أناس بحسن الخلق والكلمة الطيبة والمساعدة في المواقف التي يحتاج إليها فيها. إنك بهذا تعطي صورة مضيئة، وكأنك تقول بلسان حالك : هذا هو الطريق الذي أريدكم أن تسلكوه، ومهما اختلفت أفكار الناس واتجاهاتهم، فإنهم يجتمعون على محبة صاحب الخلق، ويجمعون على أن يجدوا في قلوبهم الفضل لمن أحسن إليهم، حتى أن أصحاب الأخلاق السيئة يتفقون جميعاً على تقدير صاحب الخلق، ولا يجرؤ أحد منهم على أن يسيئ إليه. فإذا كان الشاب متميزاً في فصله، يعرفه طلاب الفصل، والأساتذة وإدارة المدرسة بأنه صاحب الخلق الحسن والمواقف الحميدة والاعتذار قبل أن يخطئ فهذا له دوره قبل توجيه النصح، فما بالك إذا وجه النصيحة كيف يكون أثرها ؟ عندما يعرف عنه ذلك هؤلاء، قبل أن ينصح له دور، فما بالك إذا وجه النصيحة، كيف يكون أثرها. ثالثاً: لا تنتظر ثمرة إحسانك: عندما تقدم إحساناً لهؤلاء، من حسن خلق أو عفو أو غير ذلك،فلا تنتظر ثمناً لذلك، فعندما آتي مثلاً و أجد شاباً عليه آثار الانحراف قد تعطل في الطريق وأقف لأعينه، فليس بالضرورة أن أوجه له النصيحة الآن إذا أمكن توجيهها في وقت آخر، وكذلك الحال عندما أقدم خدمة، بل أتخلق بالأخلاق الطيبة – مع كسب الناس - لأن حسن الخلق أمر به الإسلام، ولأنه خلق النبي ، الذي وصفه الله فقال: وإنك لعلى خلق عظيم . وهو الذي ما رؤي أحسن منه خلقاً ، وهو الذي يقول عنه حسان : وأجمل منك لم تلد النساء كأنك قد خلقت كما تشاء هذان في الدنيا هما الرحماء لله لا حقد ولا شحناء وأحسن منك لم تر قط عيني خلقت مبرأ من كل عيب وإذا رحمت فأنت أم أو أب وإذا غضبت فإنما هي غضبة
هذه أخلاق النبي ، وما عرفت الدنيا أبر وأطهر وأحسن خلقاً منه . لا تتخلق أخي بحسن الخلق من أجل أن تكسب الناس فقط، بل تخلق به لأنك تعلم أن هذا هو هدي النبي ، ولأنك تعلم أن حسن الخلق يبلغ به العبد ما لا يبلغ الصائم القائم، ولأنك تعلم أن أقرب الناس مجلساً إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة وأحبهم إليه أحاسنهم أخلاقاً، وأن النبي زعيم لك في بيت بأعلى الجنة لمن حسن خلقه. رابعاً: تنازل عن بعض حقك : تحكي لنا عائشة رضي الله عنها صورة من هديه فتقول :" ما رأيت رسول الله منتصراً في مظلمة ظُلمها قط ما لم ينتهك من محارم الله شيء، فإذا انتهك من محارم الله شيء كان من أشدهم على ذلك غضباً، وما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن مأثماً " رواه الإمام أحمد والشيخان. وتقول أيضاً في وصف آخر له : "لم يكن رسول فاحشاً ولا متفحشاً، ولا صخاباً في الأسواق ولا يجزي بالسيئة ولكن يعفو ويصفح " رواه الإمام أحمد والترمذي في سننه وفي الشمائل والطيالسي. وكلنا يحفظ تلك الصورة المثلى من هديه ، حكاها أنس فقال:كنت مع النبي وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فجاءه أعرابي فجبذه بردائه، حتى أثر الرداء في صحفة عنقه فقال له :أعطني من مال الله الذي عندك، فالتفت النبي وابتسم وأعطاه حتى رضي. قد يساء إليك وما أكثر ما يسيء إليك هؤلاء، ولاشك أن الذي يسيئ الأدب مع الله عز وجل ويتجرأ على محارم الله لابد أن يسيئ الأدب مع خلق الله، فتنازل عن بعض حقك وتميز بذلك، وتميز بأنك الرجل الذي تتنازل عن بعض حقك وتحلم وتصفح وتكظم الغيظ، وهذه الأخلاق هي التي تعلمتها وأنت تقرأ القرآن قال تعالى :وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين * الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين بل إن عفوك وصفحك، وتنازلك عن حقك في الغالب يعيد إليك الحق، فلو سخر منك وقابلت ذلك بالإحسان فإنه سيعرف -بإذن الله -أن هذه يد لا بد أن يجزيك بها، ولو أساء إليك بأي إساءة أخرى وقابلت هذه الإساءة بالصفح والإحسان لحفظ هذا الجميل لك، وستلقاه بعد ذلك عاجلاً، وإن كنت لا تبحث عن الجزاء العاجل إنما تسلك ذلك استجابة لأمر الله سبحانه وتعالى واقتداء بهدي نبيك الذي كان كثيراً ما يعفو وكان لاينتصر مالم ينتهك من محارم الله شيء، ولطالما كسب الناس بمثل الحكمة والصفح والتنازل عن الحقوق. محاذير وتنبيهات: 1- احذر من القياس على رأس الديك: يحكون أن رجلاً أعمى عاد إليه بصره فرأى رأس الديك، ثم بعد ذلك فقد بصره، فصار كلما قيل له شيء قال: وماذا يكون من رأس الديك ؟ ينبغي أن يكون عندنا سعة أفق، فلا نسلك أسلوباً واحداً، وتمعن في المثال التالي :- أحياناً يُجرَّب أسلوبٌ فينجح، أو طريقة معينة فتنجح فنسلك نحن جميعاً هذا الأسلوب دون تفكير ولا تأمل فهل هذا عمل صحيح ؟ وخير مايدل على ذلك كتاب الله تعالى اقرأ القرآن تجد تنوع الأساليب، فمرة يذكر ما يحصل لأهل النار من العذاب، ومرة يذكر نعيم أهل الجنة، ومرة تذكر مخلوقات الله والتفكر فيها، ومرة يذكر قصص الأولين والسابقين إلى غير ذلك، وهكذا تجد الموعظة في كتاب الله جاءت متنوعة على أنحاء شتى. وكذلك كان النبي في دعوته ينوع الأساليب، فعندما أتاه الوليد بن المغيرة فقال له : اسمع، ثم قرأ عليه القرآن، وكذلك لما أتاه أعرابي أعطاه مالاً، فأسلم لأجل المال كما قال أنس رضىالله عنه :"فلقد كان الرجل من الأعراب يسلم ما به إلا حب الدنيا، ثم لا يلبث أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما". ولما جاءه ضماد رضي الله عنه وكان رجلاً كاهناً قال : "الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ". ولما جاءه عدي بن حاتم رضي الله عنه وهو ملك قال:" أترى الحيرة ؟"، قال : (نعم سمعت عنها ولم أرها )، قال: "يوشك أن تسير الضعينة من الحيرة فتطوف بالبيت لا تخاف إلا الله، قال :أتعرف كسرى بن هرمز ؟" قال : نعم، قال :"يوشك أن تنفق كنوزه في سبيل الله " ثم قال : "يوشك أن يعطى المال فلا يقبله أحد "فيقول عدي : (فلقد رأيت اثنتين وأنا أنتظر الثالثة )فلما كان عدي ملكاً خاطبه بما يناسبه. وهكذا تأمل سيرة الرسول تراه ينوع الأساليب، ونحن في العصر بحاجة إلى أن نبتكر الأساليب التي تؤثر على أمثال هؤلاء. 2-اليأس داء قاتل : قد توجه النصيحة وتبذل الجهد ولكن لا يستجاب لك فتيأس، والذي نريده منك أن تكون كما كان نوح عليه السلام لما دعا على قومه وقال بعد ذلك ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً ،إنه لما يئس يأساً تاماً من قومه أصبح يؤمل في أولادهم، حتى يئس من أولادهم فقال ولا يلدوا ولكن عليه الصلاة والسلام دعا قومه خمسين وتسعمائة سنة. والنبي لما استأذن ملك الجبال أن يطبق عليهم الأخشبين قال : " لا لعل الله عز وجل أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله ". هب أنه لم يسمع لك ولم يستجب لك فلا تظن أبداً أن الكلمة التي قلتها خالصة لله عز وجل ستذهب سدى، فإن العبد يتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، أو يرفعه الله بها درجة. 3- قد تمهد الطريق إلى غيرك : قد تنصح شخصاً ولا يستجيب وقد تسلك معه أسلوباً ولا ينجح هذا الأسلوب، ومع هذا فيس معناه أن هذا الجهد قد ذهب سدى، قد تكون أنت بهذا الأسلوب وبهذه النصيحة قد مهدت الطريق لمن يليك فأوجدت عنده إحساساً يخطئه أو أثرت فيه تأثيراً لم يظهر لك على جوارحه، وتكون بذلك مهدت لهدايته على يد غيرك، وإذا تكررت عليه النصائح وتعددت معه الأساليب يجتمع هذا مع الرصيد السابق حتى يكون ذلك سبباً في هدايته بإذن الله فإذا حصل هذا فإن لك دوراً في هدايته وإن لم تكن أنت السبب المباشر، ولكنك تكون قد تقدمت به خطوة إلى الهداية. 4- بين ترك الجليس وحسن المعاملة : إن حسن الخلق والبشاشة والطلاقة مع هؤلاء، قد يفهم فهماً خاطئاً فيتجاوز بعض الشباب في ذلك ويطيل صحبة الأشرار، ونعلم جميعاً أثر الجليس السيئ، وخطره وبخاصة في مرحلة الشباب وفي مقتبل العمر، ونعلم أيضاًً أن كثيراً من الشباب الذي ينحرف بعد الاستقامة قد يكون سبب انحرافه أمثال هؤلاء الجلساء. فحينئذ يتساءل بعض الشباب ويقول: هل تريد أن نجلس مع هؤلاء و نعاشرهم حتى يهديهم الله عز وجل ؟ أو ماذا نفعل ؟. يجب أن نفرق بين أمرين:البشاشة وحسن الخلق، مصاحبتهم والجلوس معهم. فما الذي يمنع أن تبدأهم بالسلام وتبتسم لهم ثم تودعهم وتنصرف؛ إذ حسن الخلق لايستلزم أن تقضي الوقت معهم. والمرء قد يجره الشيطان بحجة الدعوة والتأثير عليهم فينساق معهم خطوة خطوة، حتى يصبح بعد مدة من جلسائهم حباً لهم ولما عندهم، ويمارس الشهوات التي يمارسونها. وترك مجالستهم لا يعني أن تكون مكفهر الوجه، لا تؤدي السلام، ولا تحسن الخلق معهم، فإن هؤلاء مسلمون عندهم جوانب خير، وعندهم طاعة، ولهم من الولاء بقدر ما عندهم من الإسلام. ولقد جاء رجل فاستأذن على الرسول فقال : " ائذنوا له بئس أخو العشيرة "، فلما دخل هش له الرسول وبش، فلما خرج سألت عائشة رضي الله عنها النبي عن هذا التغير فقال : "يا عائشة شر الناس من ودعه الناس اتقاء فحشه ". رواه البخاري وغيره، فها هو الرسول يذمه ومع ذلك يحسن معاملته ويبش له. وهذا الحديث يدلنا على مشروعية حسن الخلق مع هؤلاء، وإن كان عندهم ما عندهم من الفسوق والعصيان، وأن نشعرهم أننا نحب ما عندهم من الخير وإن كنا نكره ما عندهم من المعصية. وهولاء عندهم جوانب من الخير فهم من أهل الإسلام وممن يشهدون ألا إله إلا الله وأن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، ويصلون، ويحبون أهل الخير، وعلينا أن نحبهم لأجل هذا وأن نحسن معاملتهم ونحسن الخلق معهم مقابل ما عندهم من الخير ورجاء هدايتهم واستقامتهم. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
| |
|