[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]الفتى" رمضان حمود - رحمه الله - كما يحلو للأدباء تسميته شاب في العمر ولكن شيخ في التجارب والآثار فدعونا نكتشفه بسيرة مختصرة ضمن هذه الأسطر
نشأته :
ولد رمضان حمود بن سليمان بن قاسم سنة 1324هـ - 1906م، حيث نشأ في قرية من قرى ميزاب وهي غرداية، نشأ حمود يرتع ويلعب وينعم بالطمأنينة، وراحة البال، في كنف أبوين كريمين يحبانه حبا لا مثيل له، ويعتنيان به إلى أقصى حد، لما له في حياتهما من أثر بالغ، يفتتنان به ولا عجب فهو نور بصرهما، وثمرة فؤادهما والزهرة الباسمة في رياض حياتهما، والصلة المتينة بينهما. ولعل ما زاد مو حبهما لولدهما حمود ما كان يمتاز به من ذكاء مفرط، بدت دلائله في سن مبكرة مع سنواته الأولى، وكان أبواه ينتظران من ولدهما حياة في العلم يعلو بها شأن العائلة كدائرة أولى لتتسع الدائرة فتشمل بلادهم التي كانت تتخبط في متاهات الجهل والنحطاط.
كانت أم حمود وهي المرأة الميزابية الصالحة تعلم مهمتها في الحياة فبدأت تغرس الأخلاق والقيم الإسلامية في طفلها فكسبت في نفسه روح الفضيلة والإباء والشمم وحب الوطن منذ نعومة أظافره فشب أديبنا على وقع تلك المثل، واستطاع أن يفرض بها شخصيته بعد ذلك فكان أديبا وشاعرا ومصلحا في المجتمع.
دخوله المدرسة :
كانت بلدة غليزان ككل مدن الجزائر لا يوجد فيها إلا مدارس فرنسية تدرس ما تجود به على الأهالي باللغة الفرنسية. دخل محمد مكرها بحكم الضرورة في لججها غاضا بصره عن اعوجاجها ولكن كان حمود يقول على أن العلم مهما كانت رداءته وضآلته فالجهل أردأ وأسوء منه، قضى حمود مدة مدة ليست بالطويلة في دراسته الأولى، حيث ارتقى من الفصل الرابع إلى الأول في مدة لم تتجاوز سنتين جاعلا في كل فصل نصف سنة وكل فصل كان منقسما إلى رتبتين أولى وثانية.
وموازاة مع دراسة حمود في المدرسة الفرنسية كان يتلقى حفظ القرآن الكريم، من مؤدب على الطريقة القديمة المعروفة في جميع أقطار المسلمين.
بعدها عاد الحبيب إلى حبيبه (الوطن) بعد طول فراق، فتزهر أيامه، ويروق عوده بعد أن كاد يذوي، فينسى ما لاقى من لوعة، فيستقبله أهله وذووه، وهو في أتم ما يكون نشوة بانتصاره والتقائه بالأهل والأحباب. حينها أدخله أبوه أحد الكتاتيب لحفظ القرآن الكريم ومكث حمود في قريته سنة كاملة وهو الذي كان يفتقد إلى أيد ماهرة تستخرج نبوغه الكامل.
سفره إلى تونس :
سافر حمود للمرة الثالثة وهذه المرة بصحبة أبيه إلى الديار التونسية، مهد العلم ومعمل الأفكار، ودخل حمود ضمن أعضاء البعثة الميزابية بتونس، تحت مراقبة وتوجيه أساتذة كانوا يرأسون تلك البعثة، ودخل محمود مدرسة حرة لم تكن ذات نظام راق من حيث التدريس، ورغم ذلك فقد استفاد حمود من دراسته بتلك المدرسة التي غرست فيه حب الوطن والوطن والدين ثم نقله المرشدون نحو مدرسة أخرى أوفر اعتناء بالتربية العلمية الصحيحة قضى فيها حمود عامين كاملين ينهل من معين العربية والفرنسية وكان يعمر أوقات فراغه بالتمرن على الكتابة والخطابة والشعر، ويكثر من غذاء العقل وهو المطالعة، وقد أنشأ حمود مع ثلة من أصدقائه جمعية أدبية وطنية يتابرون فيها في إلقاء الخطب والمحاضرات وقرض الشعر كما أسسوا مكتبة للمطالعة وجريدة تكتب باليد وتوزع على أعضاء البعثة العلمية هناك.
إلى العمل و الإصلاح :
وصل حمود ميزاب فاستقبل بكل حفاوة وإكرام، وبعد أن قضى حمود أيام زواجه السعيدة الأولى واستمتع بها نظر إلى المجتمع الذي يعيش فيه، فوجد الخطر محدقا به من كل الجوانب، هنا يبدأ أديبنا وهو المصلح الفذ والشاب الثائر، يقبل غير هياب ولا وجل، ويبدأ مسيرة الكفاح والنضال على أكثر من جبهة فأخذ يكافح ويناضل بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة في كل مجال يبدو له، ثم اتكل على الله فنادى إلى إصلاح أمور كثيرة وإلى تغيير العديد من التقاليد البالية ولعل من أبرز تلك الإصلاحات ما يلي: إصلاح التعليم الديني، المساجد، الوعظ والإرشاد،العلوم الحديثة، الفلاحة، التجارة، الصناعة.
من آثاره الأدبية الراقية :
حوالي خمس وعشرين قصيدة.
الفتى : محاولة قصصية تروي سيرته الذَّاتِية.
بذور الحياة : خواطر فلسفية وحكمية عن الحياة.
مجموع مقالات، ودراسات أدبيَّة، واجتماعية موزعّة بين الجرائد كالشهاب، ووادي ميزاب.
وقد جمع الدكتور محمَّد ناصر قصائده وكتابه بذور الحياة في دراسة طبعت مرَّتين، بعنوان: رمضان حمُّود الشاعر الثائر. وقد قال الدكتور مُحَمَّد ناصر عن حمود: ولئن منحته الحياة عمراً قصيراً، هو بعمر الأزهار أشبه، فإنه استطاع بمواهبه ونضاله أن يمدَّ جذوره في أرضنا السخية، ليكون هذه الشجرة الطيبة التي أصلها ثابت في الأرض، وفرعها في السماء.
وفاته :
وافته المنية 1348هـ – 1929م وهو في الثالثة والعشرين من عمره، بعدما أصيب بمرض السلِّ. رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]