الشركات المتعددة الجنسيات :
هي الشركات التي ملكيتها تخضع لسيطرة جنسيات متعددة كما يتولى إدارتها أشخاص من جنسيات متعددة وتمارس نشاطها في بلاد أجنبية متعددة على الرغم من أن إستراتيجياتها وسياساتها وخطط عملها تصمم في مركزها الرئيسي الذي يوجد في دولة معينة تسمى الدولة الأم Home Country ، إلا أن نشاطها يتجاوز الحدود الوطنية والإقليمية لهذه الدولة وتتوسع في نشاطها إلى دول أخرى تسمى الدول المضيفة ، واتضح بأن هذه الشركات تعتمد في أنشطتها على سوق متعدد الدول ، كما أن استراتيجياتها وقراراتها ذات طابع دولي وعالمي ، ولهذا فهي تكون شركات متعددة الجنسيات ، ذلك لأنها تتمتع بقدر كبير من حرية تحريك ونقل الموارد ومن ثم عناصر الإنتاج من رأس المال والعمل فضلاً عن المزايا التقنية أي نقل التكنولوجيا بين الدول المختلفة ، وهي بالتالي تساهم في بلورة خصائص وآليات النظام الاقتصادي العالمي الجديد والتأكيد على عالميته و تعد من العوامل الأساسية في ظهور العولمة، ومن أهم سماتها أنها تعدد الأنشطة التي تشتغل فيها دون أدنى رابط بين المنتجات المختلفة. ويرجع السبب الرئيسي الذي دعاها إلى تنويع نشاطها ، فهي تستند إلى اعتبار اقتصادي مهم ، وهو تعويض الخسارة المحتملة في نشاط معين بأرباح تتحقق من أنشطة أخرى ، وأيضاً تعمل هذه الأسواق للسبب ذاته ، وتعدد أساليب إنتاجها بحيث إذا ارتفعت قيم أحد عناصر الإنتاج التي يعتمد عليها أسلوب إنتاجي ما يمكن الانتقال إلى أسلوب إنتاجي آخر يعتمد على عنصر إنتاجي ذات ثمن منخفض نسبياً ، ومن هنا جاءت تسمية هذه الشركات باسم متعددة الجنسيات
خصائص الشركات المتعددة الجنسيات :
ضخامة الحجم*: تتميز هذه الشركات بضخامة حجمها وتمثل كيانات اقتصادية عملاقة ، ومن المؤشرات التي تدل على هذا ، حجم رأس المال وحجم استثماراتها وتنوع إنتاجها وأرقام المبيعات والإيرادات التي تحققها ، والشبكات التسويقية التي تملكها ، و حجم إنفاقها على البحث والتطوير ، فضلا عن هياكلها التنظيمية وكفاءة أدارتها ، أو ما يطلق عليه " رقم الأعمال". ، ووفقاً لهذا المقياس احتلت شركة ميتسوبيشي ، بإجمالي إيراداتها الذي بلغ 184,4 مليار دولار ، المرتبة الأولى بين أكبر خمسمائة شركة متعددة الجنسيات في عام 1995 م ، والتي يصل أجمالي إيراداتها إلى نحو 44% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. كذلك تستحوذ هذه الشركات على نحو 80% من حجم المبيعات على المستوى العالمي. أن نشاط الشركات المتعددة الجنسيات حقق معدلات نمو مرتفعة تجاوزت 10% سنوياً أي نحو ضعف معدل النمو في الاقتصاد العالمي ومعدل نمو التجارة العالمية .
2 ازدياد درجة تنوع الأنشطة*: إنها تتميز بالتنوع الكبير في أنشطتها ، فسياستها الإنتاجية تقوم على وجود منتجات متنوعة متعددة ، ويرجع هذا التنوع إلى رغبة الإدارة العليا في تقليل احتمالات الخسارة ، من حيث أنها إذا خسرت في نشاط يمكن أن تربح من أنشطة أخرى والتي انتهجتها الشركات الكبرى بعد الحرب العالمية الثانية. ونتيجة لذلك تتشعب الأنشطة التي تقوم بها الشركات المتعددة الجنسيات قطاعياً وجغرافياً ن وهذا بالتالي يؤدي إلى تحقيق التكامل الأفقي والرأسي .
3 الانتشار الجغرافي – الأسواق*: اي كبر مساحة السوق التي تغطيها وامتدادها الجغرافي ، خارج الدولة الأم ، بما لها من إمكانيات هائلة في التسويق ، وفروع وشركات تابعة في أنحاء العالم. لقد ساعدها على هذا الانتشار التقدم التكنولوجي الهائل، ولاسيما في مجال المعلومات والاتصالات. وقد ساعدت على ذلك كله إبداعات الثورة العلمية والتكنولوجية في مجالي المعلومات والاتصالات ، حيث أصبح ما يسمى الإنتاج عن بعد حيث توجد الإدارة العليا وأقسام البحث والتطوير وإدارة التسويق في بلد معين ، وتصدر أوامر بالإنتاج في بلاد أخرى .
4 القدرة على تحويل الإنتاج والاستثمار على مستوى العالم*: أن هذه الخاصية ناتجة عن كون هذه الشركات تتميز بنشاطها الاستثماري الواسع في العالم، وكذلك كونها كيانات عملاقة متنوعة الأنشطة تسودها عمليات التكامل الأفقي والرأسي . على الرغم من ضخامة الاستثمارات الدولية التي تقوم بها الشركات المتعددة الجنسيات ، فإن أكثر من ثلثي استثماراتها تتركز في الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي ( إنجلترا وألمانيا وفرنسا ) وسويسرا واليابان، ويعود هذا التركز إلى العوامل التالية*: - المناخ الجاذب لهذه النوعية من الاستثمارات ، - ارتفاع العائد على الاستثمارات ، - تزايد القدرات التنافسية للدول المضيفة والتي تتحقق عادة من خلال انخفاض تكلفة عنصر العمل وتوافره وارتفاع مستواه التعليمي ومهاراته وإنتاجيته ، - توافر البنية الأساسية وتسهيلات النقل وتقدم شبكات الاتصالات ، - والطاقة الاستيعابية للاقتصاد القومي .
5 إقامة التحالفات الإستراتيجية*: وهي تعتبر من السمات الهامة للشركات متعددة الجنسيات والتي تسعى دوماً إلى إقامة تحالفات إستراتيجية فيما بينها ومن أجل تحقيق مصالحها الاقتصادية المشتركة وتعزيز قدراتها التنافسية والتسويقية. أن التحالفات الإستراتيجية بين الشركات المتشابهة تتم في الصناعات المتماثلة بدرجة أكبر، وفي بعض الأحيان يأخذ هذا التحاف شكل الاندماج ، وهذا يظهر بوضوح في مجال البحث والتطوير بما يحتاجه إلى تمويل ضخم ، ومن الأمثلة على هذا التعاون ، التمركز الأوروبي لبحوث الحاسوب والمعلومات والاتصالات التي تشترك فيه ثلاثة شركات أوروبية كبرى تنتج الحاسبات الآلية ، وهي بول الفرنسية Bull و TCL البريطانية و سمنز الألمانية ،
. 6 المزايا الاحتكارية*: تتمتع الشركات متعددة الجنسيات بمجموعة من المزايا الاحتكارية ، مما يتيح لها الفرصة لزيادة قدراتها التنافسية ومن ثم تعظيم أرباحها وإيراداتها . وتتحدد المزايا الاحتكارية في أربعة مجالات هي التمويل ، والإدارة ، والتكنولوجيا ، والتسويق.
تعبئة المدخرات العالمية*: أن كل شركة من الشركات متعددة الجنسيات تنظر إلى العالم كسوق واحدة ، ومن ثم تسعى إلى تعبئة المدخرات من تلك السوق في مجموعها بالوسائل التالية*:
طرح الأسهم الخاصة بتلك الشركات في كل من الأسواق المالية العالمية الهامة وكذلك الأسواق الناهضة، وغيرها . و هي تعتمد على الاقتراض من البنوك متعددة الجنسيات وبمعدلات عالية
تستقطب الشركات متعددة الجنسيات الجزء الأعظم من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وتوجهه أساساً إلى أسواق الدول الصناعية التي تمثل ثلاثة أرباع السوق العالمية
إلزام كل شركة تابعة بأن توفر محلياً أقصى ما يمكن لتمويل اللازم لها، من خلال وسائل مختلفة مثل المشروعات المشتركة، طرح الأسهم الخاصة بتلك الشركات في الأسواق المالية العالمية، الاقتراض من الجهاز المصرفي المحلي غيرها
تعبئة الكفاءات*: تتميز الشركات متعددة الجنسيات بعدم تقيدها بتفضيل مواطني دولة معينة عند اختيار العاملين بها حتى أعلى المستويات ، فالمعيار الغالب الذي تأخذ به هو معيار الكفاءة. و النمط المعمول به في اختيار العمالة في هذه الشركات هو الاستفادة من الكادر المحلي لكل شركة تابعة مع اجتياز سلسلة من الاختيارات والمشاركة في الدورات التدريبية .
9 التخطيط الاستراتيجي والإدارة الإستراتيجية*: يعتبر التخطيط الاستراتيجي أداة لإدارة الشركات متعددة الجنسيات ، وهو المنهج الملائم الذي يضمن ويؤدي إلى تحقيق ما تهدف إليه الشركة والتعرف على ما ترغب أن تكون عليه في المستقبل . يكثر استخدام التخطيط الاستراتيجي في ش م ج وهي تسعى من خلال ذلك اقتناص الفرص وتكبير العوائد ، وتحقيق معدلات مرتفعة في المبيعات والأرباح ومعدل العائد على رأس المال المستثمر. أن التخطيط الاستراتيجي هو الأداة الأساسية التي تستخدمها وتقوم بها الإدارة الإستراتيجية في تلك الشركات ، لتحقيق الأهداف الإستراتيجية . وتعد الخطط الإستراتيجية في غالبية الشركات المتعدية الجنسيات في المراكز الرئيسية،
. تعاظم دور الشركات المتعددة الجنسيات :
هناك العديد من المؤشرات والتي تدل على تعاظم دور الشركات المتعددة الجنسيات والعالمية النشاط ومن أهمها*: _ أن حوالي 80% من مبيعات العالم تتم من خلال الشركات متعدية الجنسيات، وهو ما يعكس ضخامة قدرتها التسويقية والإنتاجية التي مكنتها من السيطرة على جزء هام من حركة التجارة الدولية . _ الدور الكبير الذي تلعبه هذه الشركات في تسريع الثورة التكنولوجية ، فبفضلها زادت نسبة الاكتشافات التكنولوجية الحديثة والتي كانت نتيجة لجهود البحث والتطوير Research and ) (development التي قامت بها هذه الشركات _ تجاوزت الأصول السائلة من الذهب والاحتياطيات النقدية الدولية المتوافرة لدى الشركات المتعددة الجنسيات نحو ضعفي الاحتياطي الدولي منها، ويدل هذا المؤشر على مقدار تحكم هذه الشركات في السياسة النقدية الدولية والاستقرار النقدي العالمي . أن ما ينبغي التأكيد عليه هو أن هناك رابطة سببية بين كل من العولمة والشركات متعددة الجنسيات ، فكل منها غذي الآخر واستفاد منه خلال السنوات الماضية. تساهم العولمة في زيادة حجم الشركة ، ومؤدية إلى توسع حجم الدمج والتملك Marger & Acquisition عبر الحدود . فعلى سبيل المثال في عام 1996 م، بلغ حجم الدمج والتملك 247,6 بليون دولار ويمثل هذا أكثر من 80% من أجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي. ومن ثم فإن العامل الرئيسي وراء الزيادة القياسية في حجم الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي في عام 1998 م مرجعه الزيادة السريعة في عدد وحجم عمليات الدمج والتملك على المستوى الدولي التي ارتفعت بنسبة 75% في عام 1998م، لتصل 586,8 بليون دولار. و ساهمت العولمة في إزالة العقبات التي وضعت في السابق لحماية السوق المحلي ، ومن ثم يمكن للشركة التوجه للاستثمار واستيراد متطلبات الإنتاج دون عقبات تجارية. وبالتالي ، فأن كل من العولمة والشركات متعددة الجنسيات قد أثر كل منهما في تطور والتأثير بالأخر، والمستفيد في النهاية الشركات متعددة الجنسيات . وخلال السنوات الأخيرة من القرن الماضي شهد عالمنا تغيرات كبيرة قادتنا إلى اليوم بالعولمة .الكومنولث